رسالة تحذير من الله ( الجزء الثاني ) عن قصة واقعية
كاتب الموضوع
رسالة
كاكا المحبوب
عدد المساهمات : 22 السٌّمعَة : 0 24/06/1994 تاريخ التسجيل : 02/09/2009 العمر : 29 الموقع : https://benyahia-lamine.yoo7.com
موضوع: رسالة تحذير من الله ( الجزء الثاني ) عن قصة واقعية الخميس سبتمبر 17, 2009 12:27 pm
نهضت و كأني في عالم آخر، في زمن آخر، استرجعت شريط الأمس، مر أمامي لحظة ..... لحظة، ......... هل كان كابوسا مزعجا ؟ ثم غزوت الغرفة بنظرة المغشي عليه، فلمحت أثار أحمر الشفاه على الفراش، و قطعة اللبان التي كانت تلوكها ملقية على طاولة التسريحة ، و لا تزال رائحة عطرها السكري تسكن أرجاء الغرفة، حينها .... تأكدت أنه لم يكن كابوسا، يا إلهي .... كل شيء حقيقة
حملت نفسي و خرجت من الغرفة، نزلت الدرج كالشبح الهائم الذي يبحث عن جسد يسكنه، اتجهت صوب مكتب الاستقبال و طلبت فاتورة الحساب، و كانت التكاليف رخيصة جدا، أرخص مما توقت، أمام الثمن الذي دفعته... سلّمني إياها معلقا : أرجوا أن تكون راضيا عن الخدمة هنا ؟ و استلمتها منه، استلمت شهادة إعدامي ........
ثم بحث عن تلك الفتاة في أرجاء البهو، فلم أجدها، و ترددت في السؤال عنها، فإبتعدت خارجا ، ثم توقفت و عدت أدراجي إلى مكتب الإستقبال من جديد و أنا أفكر، كيف سأبدأ سؤالي، فبادرني هو : عفوا هل نسيت شيئا ؟ فأجبت : كلا ... لكني أردت فقط سؤالك عن الفتاة التي كانت هنا بالأمس؟ فرد : أية فتاة ؟
كنت أقصد صاحبة القصة الغلامية ، فرد علي : لا تقل لي أنها سرقت منك شيئا ....، فقلت له لا .
فقال: هي كانت تعمل لحسابي، و لكني طردها، بسبب مشاكلها المتكررة، فأنت تعلم سياسة الفنادق، مهما كان نوعها، يجب توفير الراحة اللازمة للنزلاء و إلا فقدناهم...
نزل علي الخبر كالقضاء المستعجل، فقد كان أملي أن أتلقيها، لانتزاع منها الحقيقة بأية وسيلة، لما فعلته بي.
ثم أردف صاحب الفندق : في الحقيقة لقد طردتها منذ ثلاثة أيام، و لكنها طلبت مني مهلة حتى تدبر أمورها للرحيل، فلم يكن لها مأوى تذهب إليه أو مال، لذلك و بدافع الشفقة أعطيتها مهلة أسبوع لا أكثر شريطة أن تعمل في الفندق دون أجرة، و لكن الظاهر أنها تدبرت أمورها ليلة أمس، لأنها غادرت اليوم في ساعة مبكرة.
فسألته : ألا تعلم أين ذهبت ؟
فرد : يا أخي قلت لك طردتها ... فأكيد لن يهمني إلى أين تذهب.
حينها لم يبق لي إلاّ العودة إلى .......؟؟؟؟ إلى أين ؟؟؟؟ إلى بيتي الذي لطالما دنسته ؟
إلى زوجي التي لا طالما طعنتها في أنوثتها ؟ إلى والدي اللذان خذلتهما في تربيتهما الحسنة لي ؟ إلى أولادي اللذان لا ذنب لهما إلا أن القدر جعلهم من صلبي النتن ؟؟؟
و لكن علي العودة ... فما من مكان يأوي مصيبتي إلا بيتي و ما من أناس يقفون معي في ظلمي لهم إلا أهلي.
و عدت إلى مدينتي ... و اقتربت من بيتي و فاضت عيوني بالدموع.... كيف سأفتح الباب ؟ كيف سأدخل ؟ بأي وجه سأقابلهم ..... هل أضمهم إلى صدري ؟
ما أحوجني الآن إلى سكتة قلبية لأموت بينهم كأب، كزوج، كإبن ..... قبل أن أموت بينهم كنذل باع روحه للشيطان.
استخرجت المفتاح من جيبي و هممت بفتح الباب، و لكن حتى المفتاح أصبح كمغناطيس معاكس يرفض أن يتجه صوب القفل، يتهرب، و يدفع يدي إلى الوراء ، و كأنه يقول لي، ابتعد عنهم، دعهم يعيشون بسلام. و فجأة فُتح الباب أمامي على مصراعيه، لأجد زوجتي أمامي مبتسمة و الشوق يعتلي وجهها،..... هي من فتحت لي :أحمد الله على سلامتك، لقد لمحتك من شرفة الغرفة، ثم قبلتني على وجنتي، و صاحت : يا أولاد بابا وصل، و سرعان ما تسابقا نحوي كقطين صغيرين و ارتميا في أحضاني، وددت لو لم يفعلا، مخافة أن أدنسهما. و دخلت منزلي بوجه ليس كالذي سافرت به بالأمس، و جلست وسط غرفة الجلوس كالمعتاد، و جلس حولي أطفالي و زوجتي، آه ........... كم هي جميلة أم أولادي، اختزلت كل حنان الدنيا على تقاطيع وجهها الصغير، تفوح منها رائحة الأصل الجميل، بدت كبدر مكتمل في ليلة صيفية، جميلة من غير مساحيق أو تكلف، زكية الرائحة من غير عطور أو زيوت معطرة، زوجة خالصة لي وحدي، ما من أحد يزاحمني فيها، ويلي ...... ماذا دهاني لأبيع الطيب بالخبيث، أحسست و كأني في حلم وردي، حتى فاجأني صوت صغيري : بابا أين هي حقيبتك ؟
فقد تعودا أن أحضر لهما الهدايا و أخبئهما داخل حقيبتي، و أدّعي أني نسيت، فقط لأراقبها يفتشانها بيديهما الصغيرتين، و ما إن يجدان الهدايا حتى يصرخان : ها هي ... ها هي .... لقد وجدناها.
حينها .... تذكرت أني تركت الحقيبة في الفندق أين تركت روحي و كياني و كل شيء جميل في حياتي.
فأجبتهم لقد ضاعت مني .....
فسألتني زوجتي : ولكن كيف ضاعت، عسى ما ضاع معها شيء قيم
فأجبتها : أظنها سرقت مني في المطعم، اطمئني لم يكن فيها سوى ملابسي و بعض مستلزمات السفر، فقط لا غير.
فردت : فداك ألف حقيبة غيرها، المهم عدت إلينا سالما، و لكن أنت مدين لنا.... عليك أن تعوضنا فيما راح علينا من هدايا .... أما الآن خد لك حماما ساخنا لترتاح من عناء السفر، في حين سأفكر أنا و هذان الشقيان في طريقة تعوضنا بها .... موافق ؟ هيا إلى الحمام ...
نهضت متثاقلا و كأن جبلا وضع على كاهلي، دخلت الحمام، و فتحت الماء و ما إن نزل على رأسي حتى سبقته دموعي، يا إلهي .... لن ينظف دنسي لا ماءا و لا دموعا و لا حتى الموت نفسه، وددت لو بقيت هناك العمر كله تحت الماء الدافئ.
و لكن علي الخروج عاجلا أم آجلا، و ما إن خرجت حتى فاجأتني زوجتي من خلف ظهري : الله ..... الله ما هذه الرائحة العطرة .... هيا إلى مائدة العشاء، لقد حضرت لك طبقك المفضل، سمك في الفرن....
جلست على طاولة العشاء، كالحاضر الغائب، كالجائع الشبعان، كالمشتاق المتردد، كنت أضع اللقمة في فمي فلا أجد لها طعما و لا رائحة و لا حتى لون، ثم استأذنت بحجة تعب السفر، وغادرت المائدة أمام استغراب زوجتي، التي بدأت تشك بتصرفاتي، لحقت بي إلى الغرفة، وجدتني جالسا على السرير، احمل رأسي المثقل بين كفي، ما شعرت بها إلاّ و يدها على رأسي : ما بك حبيبي؟ هل تشكو من شيء؟ أكاد أرى فيك رجلا آخر منذ أن فتحت لك الباب .... فأجبتها لا شيء فقط أشكو تعب السفر و ضغط العمل، سأنام و إن شاء الله سأصحو غدا بأفضل حال .... المهم لا يوقظني أحد حتى أستيقظ بمفردي، و تمنيت في نفسي أن لا أستيقظ أبدا.
وضعت رأسي علي الوسادة، و أجبرت أجفاني على الغروب، أريد أن أنام فلا أستطيع، ما زالت تلك الكلمات تتردد في عقلي ...... أنا مريضة .......
لم أنم تلك الليلة و لا الليلة التي تلتها و مضى الأسبوع الأول و أنا لا أنام و كأن النوم أصبح يعاف جسدي، كان الندم يأكل عقلي، و الحيرة تأكل عقل زوجتي، كنت أرها تذبل أمامي، حاولَت إستدراجي بكل الطرق، لمعرفة سبب تغييري المفاجئ نحوها.
يا إلهي ..... عقابك أكبر من تحملي، و ما الله بظلاّم للعبيد، حقا أنا من ظلمت نفسي، كان لي حلالي طيب في بيتي، فبحث عن الحرام خارجا، و ماذا كانت النتيجة، حرّم علي حلالي، أرى أمامي زوجتي كلها جمال و دلال و فتنة، و لكني لا أستطيع الاقتراب منها، فقد ظلمتها كثيرا و طعنتها في ظهرها،
مضى أسبوع و لم أقترب منها، كلما اقتربت هي، ابتعدت أنا و أتحجج بالتعب، بالصداع، بالمرض، إلى أن نفدت كل أعذاري، حتى في مقر عملي، لاحظ زملائي الإختلاف الذي طرأ على شخصيتي، أصبحت عصبيا، منطويا، تائه اللّب، و أنا الذي كانت تسمع ضحكتي من بعيد،
حاول صديقي المقرب معرفة السبب، فكنت دائما أتحجج بحجج واهية، فالموقف الذي أنا فيه أصعب من أن أقتسم همه مع شخص حتى و إن كان توأم روحي.
و مضى أسبوعان و أنا كالميت بين الأحياء، إلى أن صفعني الواقع في ذلك اليوم حين واجهتني زوجتي بكلمات قسمت قلبي : إن لم تعد ترغب بي، دعني أرحل،
فانفجرت في وجهها : إن كل ذرة في كياني ترغب بك..... و لكني ... إفهمي يا امرأة.
ثم خرجت مسرعا من البيت قبل أن تفضحني دموعي.
كان يوم الجمعة، مررت بالمسجد، ترددت في الدخول إلى بيت الله خجلا منه تعالى، ثم تذكرت آية كنت قد حفظتها من أيام الدراسة : " و هو الذي يقبل التوبة عن عباده ، و يعفو عن كثير".
هذه الآية دفعتني للدخول، يا الله أنا الآن في بيتك، فلا تردني، ليس لي من ألجأ إليه سواك.
كان لا يزال على موعد صلاة الجمعة ساعتان، فتوضأت و حملت المصحف الشريف و انفردت به في زاوية مخفية، و جلست أقرأ و الدموع من وجهي تنهمر، " و ما خلقت الجن و الإنس إلا ليعبدون "، توقفت عند هذه الآية كررتها و كررتها، علمت حينها أن الله لم يخلقنا عبثا، بل خلقنا لعبادته، و من كرمه أنه سخّــر لنا كل النعم الموجودة على الأرض لنتمتع بها، و لكن بقوانين مضبوطة سنها الخالق البارئ الذي يعلم السر و ما يخفى .
نودي للصلاة ، و احتشد جمع من الناس في المسجد، و صرت بينهم كنقطة في بحر هادئ، ترى .... ؟ هل يوجد هنا لاجئ من غضب الله إلى رحمته غيري ؟
و ما إن بدأ الإمام يلقي بالخطبة على مسامعنا حتى هدأت نفسي، أحسست و كأنها موجهة لي وحدي حين قال : رحمة الله سبقت غضبه،
بعد انتهاء الصلاة خرجت من المسجد و كلي أمل أن أكون ممن احتواهم الله برحمته.
و من هنا إتخدت القرار الذي كنت أخشاه، التحاليل المخبرية، هي الحاسم، إن كنت من فئة المغضوب عليهم، أو من فئة الفائزين برحمة الله، مع أني أستحق أن أكون من الفئة الأولى.
و بالفعل، ما إن جاء اليوم التالي حتى كنت الأول في قاعة التحاليل، أخدوا عينة من دمي، و ستكون النتيجة بعد أيام، رجعت لبيتي و كلي أمل أن يكرمني الله بفرصة أخيرة، و ما إن دخلت حتى أمسكت بيدي زوجتي، قبلتهما و طلبت منها أن تتحمل مزاجي السيئ بسبب مشكل عويص في العمل، و وعدتها أن كل شيء سينتهي بعد أيام، ثم اعتكفت في غرفتي أصلي و أتضرع لله أن يلطف بي.
و أخيرا جاء موعد استلام التحاليل، كان قلبي يرتجف من بين أضلعي تماما كقلب خائن بلده سيعدم أمام الملأ، لا هو بدنياه و لا هو بآخرته، ناولتني الممرضة ظرفا أصفر يحمل بطياته حكم الله علي، طلبت مني أن أتجه إلى غرفة الطبيب المختص، لأستفسر منه عن حالتي،
عندما دخلت مكتب الطبيب وجدته جاسا على مكتبه، يضع نظارته و يعبث بأوراق أمامه، تقدمت نحوه و الظرف بيدي،
يكاد قلبي أن يتوقف من هذا الموقف، إنه يوم محاكمتي.
الحاكم، طبيب، مجرد إنسان،
نتيجة التحاليل مجرد حكم علي في الدنيا مهما كانت قاسية،
و يكاد قلبي أن يتوقف،
فما بالي يوما الحساب، عندما يكون الحاكم ربي، بدل الطبيب العبد الضعيف
و عندما يكون كتاب أعمالي بيدي عوض الظرف الهزيل.
رحمااااااااااااااك ربي,
فتح الطبيب المغلف، و صمت كل شيء حولي، إلاّ دقات قلبي، لينزل الحكم على مسامعي : إسمع يا بني ... بك مرض خطير، و هو مرض الوهم،
فأجبته : ماذا قلت دكتور؟ مرض الوهم ؟ كيف ؟
و رددت في نفسي : هل هذا إسم آخر من أسماء الأيدز لم أسمع بها،
ثم ابتسم لي، و قال : ليس بك شيء، فأنت معافى، لست أعلم من أين جاءتك فكرة أنك مصاب بالإيدز.
فقفزت من مكاني: هل أنت متأكد يا دكتور؟
فقال : كما أني متأكد أنك تجلس أمامي ترتعش كالورقة.
فغلبتني دموعي، و تلعثم لساني و أنا أشكره، ثم ناولني الظرف، و قال لي : الحمد لله على سلامتك ... و لكن توخ الحذر و لا ترمي بنفسك إلى التهلكة.
فأيقنت أنه كشف سرّي.
فخرجت من عنده يكاد قلبي أن يتوقف، و لكن هذه المرة من شدة الفرح، عدت راكضا إلى بيتي، دققت الباب كالمجنون و ما إن فتحت زوجتي، حتى ارتميت في أحضانها كطفل صغير كان تائها عن بيته لعدة أيام.
مسكينة زوجتي لم تفهم شيئا، و لكنها ظلت تردد : الحمد لله على عودتك، و الله ظننت أني فقدتك.
و في الليل وضعت رأسي على الوسادة وعبثت بعقلي أسئلة كثيرة:
ترى، لماذا كذبت علي تلك الفتاة ؟ ما كان دافعها؟ هل كانت مزحة ؟
هل فعلت ذلك لتنقذني مما كنت فيه، لأني كنت كريما معها في المال الذي أعطيتها إياه؟
أم أنها حقا كانت مصابة بمرض الإيدز؟
و إن كانت حقا مصابة .... فلماذا لم تصبني العدوى منها ؟
يا إلهي ... ليثني ألتقي بها للمرة أخيرة لأناشدها أن تخبرني الحقيقة.
و في خضم هذه الأسئلة، سمعت صوت زوجتي الملائكي : سأوافيك بعد أن أنيم الأطفال .... إياك أن تنام ... و إلا سأوقظك بدلو ماء كبي ر ... أنا جادة.
حينها وجدت الجواب عن كل تلك التساؤلات : إن الله يمهل و لا يهمل
رسالة تحذير من الله ( الجزء الثاني ) عن قصة واقعية